الأخبار

التعليم والتعلُّم بعد جائحة كوفيد- 19

08-تموز-2020

الدوحة - باعتبار قطاع التعليم من القطاعات التي تخضع دوماً لعملية تطور مستمر، جاء الإغلاق غير المسبوق للمنشآت التعليمية في جميع أنحاء العالم نتيجة لجائحة انتشار فيروس كورونا التاجي المعروف باسم (كوفيد- 19). فتسبب في اضطراب مفاجئ وشديد في طرق التعليم الحالية، وعلى إثر ذلك أتت الحاجة الفورية لطرق التدريس والتعلم الجديدة في جميع أنحاء العالم. وفي جامعة قطر؛ قامت هيئة التدريس بتغيير الطرق الحالية المتبعة وانتقلت إلى التعلم الافتراضي، والذي شكل تحديًا في مجالات معينة مثل الطب الذي يمثل التطبيق العملي فيه أمر أساسي وفقا لما ذكره الموقع الرسمي لجامعة قطر. 

لا شك في أن هذه الفترة قد أربكت العالم بأسره وخلقت آثار سلبية واضحة، ولكنها لم تخلو من الفرص أيضًا؛ حيث دفعت المعلمين وصناع القرار في ذات المجال لإعادة تكييف النظام التعليمي بما يتماشى مع الطروف الراهنة على المدى القريب ولربما على المدى البعيد كذلك.

إعادة التقييم:

دفعت جائحة كورونا القطاع التعليمي لإجراء تجارب عالمية على عمليات التدريس وذلك لتحقيق التعليم عن بعد. هناك العديد من المؤشرات على أن هذه الأزمة ستغير العديد من جوانب الحياة، ويمكن أن يكون التعليم واحدًا منها إذا أثبت التدريس عن بُعد فاعليته. ولكن كيف سنعرف إذا كان كذلك؟ يجب أن نجمع البيانات ونُولي اهتمامًا للتعليم العالي وإمكانية الوصول إلى تعليم جامعي عالي الجودة في ظل هذه التجربة التي تُحرِّكها الأزمة.

عقدت جامعة قطر في إبريل الماضي مؤتمرًا افتراضيًا مع مجموعة من المتحدثين من الجامعة وخارجها حول آفاق وتحديات (كوفيد- 19)، حيث تحتم على قطاع التعليم أن يلجأ للمؤسسات والباحثين طلباً للاستشارات والتوجيهات عن كيفية التعامل في هذه الفترة، وأيضاً بسبب الحاجة الضرورية لخبرتهم في صنع السياسات ومعالجة القضايا الاجتماعية والاقتصادية وصياغة الخطاب الفكري الرائد.

التكنولوجيا:

في غضون أسابيع، غيّر فيروس كورونا المستجدّ (كوفيد- 19) كيفية آليات تعلُّم الطلبة في كافة أنحاء العالم. تعطينا هذه التغييرات لمحة عن كيفية تغيير ثقافة التعليم نحو الأفضل على المدى الطويل، وللمساعدة في إبطاء انتشار الوباء، فقد سارعت جامعة قطر باستخدام أحدث سبل التكنولوجيا وتسخير المنصات الافتراضية للهيئة التدريسية والطلبة؛ تماشيًا مع جهود الدولة، لتكون عملية التعليم والتعلُّم مستمرة بمسارها الصحيح والفعّال. وتأتي هذه الجهود من منطلق حرص الجامعة لتقديم مستوى تعليمي عالي الجودة وذو كفاءة عالية، ولأن الجامعة تتفهَّم تحديات التكيف مع التعليم عبر الإنترنت، وبيئات التدريس عن بُعد، فقد حرصت جامعة قطر على تجهيز خط دعم فني بشكل مميز لكُلٍ من الهيئة التدريسية والموظفين والطلبة.

التمكين:

من منطلق حرص جامعة قطر على سير الفصول الدراسية لجميع الطلبة وتحقيق مخرجات التعلم الضرورية؛ قامت الجامعة بتسهيل مناقشة رسائل الدراسات العليا للطلبة الذين يدرسون في فصلهم الدراسي الأخير، كما استمرت الاجتماعات عن بُعد بين المسؤولين وموظفيهم وجميع الكليات والأقسام بالجامعة، وذلك حتى تستمر الحياة الجامعية بشكلها الطبيعي ولكن عبر المنصات الافتراضيَّة الجديدة.

التواصل والاستجابة:

في الوقت الراهن، ولأنه من المهم أن تستمر عملية التعليم عن بُعد، توفِّرُ جامعة قطر إمكانية الوصول إلى أعضاء هيئة التدريس وموارد التعلُّم الأخرى عبر الإنترنت، وقد وفرت أيضًا على موقعها الإلكتروني عددًا من التطبيقات التي تُسهِّل على الطلبة عملية الدراسة عن بُعد، كما قامت بتزويد موظفيها بأجهزة حاسوب عالية التقنية لضمان استمرارية عملهم من المنزل دون أيَّة تعقيدات، الأمر الذي سهَّل تيسير العمل على متطلبات الجامعة ضمن وتيرة مستمرة وفعالة للطلبة والهيئة التدريسية على حدٍ سواء.

ملامح المستقبل:

على الرغم من أنَّه من السابق لأوانه الحُكم على كيفية تأثير ردود الفعل بسبب جائحة فيروس كورونا المستجدّ (كوفيد- 19) على أنظمة التعليم محليًا وعالميًا، إلا أن هناك دلائلًا تُشير إلى أنَّهُ يمكن أن يكون لهذه الجائحة تأثيرٌ دائمٌ على مسار التعليم وتحويله إلى رقمي بشكلٍ إيجابيٍ. لقد تبين لنا أن جودة التعليم ليست محصورة فقط في الفصول والقاعات الدراسية التقليدية، ولأن المرحلة تستدعي التغيير الحتمي. فقد أثبت الجيل الحالي والأجيال القادمة أن لديهم القدرة على التعامل مع التكنولوجيا بكل سهولة وسلاسة وبشكل تعاوني أكثر من الأجيال التي سبقتهم. حيث ساهمت هذه الجائحة بتوسيع مدارك الطرق التي نستخدمها في التعليم، وأثبتت لنا أن المرونة هي الطريقة الأمثل في تعليم الأجيال القادمة.

كانت جائحة كورونا اختبارًا لمدى استعداد خطط الطوارئ المعمول بها في الأنظمة التعليمية حول العالم، ولذلك فإن من مسؤوليتنا جميعًا إعادة تقييم الخطط الحالية من خلال جمع البيانات وتحليلها وذلك للعمل على تقليل المخاطر المستقبلية.